مما لا شك فيه أن القرآن الكريم هو أفضل مما يُتعلم ، وأفضل ما يعلَّم ، ومصداق ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه} رواه البخاري.
وكان صلى الله عليه وسلم حريصاً كل الحرص على تعليم صحابته الـقرآن ، وتعاهـدهم على تلاوته والعمل به ، فـــقد جـاء عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم القرآن.
ونقل عن ابن مسعود أنه أقرأ رجلاً ، فقال له حين أخطأ: ما هكـذا اقرأنيها رسول الله صلى الله عليـه وسلم .
وكان من أمره صلى الله عليه وسلم أن يرسل القراء إلى كل بلد يعلِّمون أهله كتاب الله ، فأرسل مصعب بن عمير و ابن أم مكتوم إلى أهل المدينة قبل هجرته ، وبعث معاذ ابن جبل إلى مكة بعد فتحها. وعلى هذا الدرب سار السلف الصالح من بعدُ ، فاهتموا بتعلُّم كتاب ربهم وتعليمه ، فأقاموا المساجد والمدارس تحقيقاً لهذا العرض.
وإلى جانب اهتمام سلف هذه الأمة وخلفها بأمر قرآنها تعلماً و تعليماً ، فقد أولو كذلك عناية خاصـة بآداب تعــلُّم الــقرآن وتعليمه ، فقرروا في ذلك جمله من الآداب نقف على أهمها فيما يأتي:
آداب المتعلم
لا بد لمتعلم القرآن أن يُخلص النية لله أولاً ، لينال عمله القبول عند الله سبحانه . والنية قد يُتساهل فيها مع الناشئة في بداية أمرهم ، لكن لا بد من التنبيه عليها و مراعاة تصحيحها عند من بلغ رشده وأصبح مكلفاً شرعاً.
ولابد لمتعلم القرآن أن يأخذ القرآن عمن تأهل وظهر دينه ، وكان أهلا” للتلقي عنه ، كما قال بعض أهل العلم: « العلم دين ، فانظروا عمن تأخذوا دينكم »
ومن الآداب ألا يرفع المتعلم صوته بلا حاجة عند معلمه ، ولا يضحك ، أو يكثر من الكلام الذي ليس فيه مصلحة شرعية ، ولا يعبث بيده ، ولا يلتفت إلا لحاجة ، بل يتوجه بوجهه إليه. ولا يقرأ على الشيخ حال ملله ، وعليه أن يحتمل جفوته وسوء خلقه. وليحرص على الإتيان إليه مبكراً ، ليحصل له الخير والبركة.
وعلى متعلم القرآن كذلك ، يكون متواضعاً لمعلمه ومتأدباً مع إخوانه ، فلا ينظر إلى معلمه إلا بعين الاحترام ولا يُعامل إخوانه إلا بما فيه رفق وأدب فإن في ذلك عون له على الانتفاع بما يتعلمه.
قال علي رضي الله عنه: « من حق المعلم عليك أن تسلِّم على الناس عامة ، وتخصه دونهم بتحية ، وأن تجلس أمامه ، ولاتشيرن عنده بيدك ، ولا تغمزن بعينك ، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول ، ولا تغتابن عنده أحداً ».
ومن آداب متعلم القرآن تجنب الأسباب الشاغلة عن تعلم كتاب الله ، كالانشغال بمالا يُسمن ولا يغني من جوع ، كالجلوس أمام الرائي «التلفاز» وتضييع الأوقات لمتابعة المسلسلات الفارغة ، وأنواع الرياضات الشاغلة ، وتتبع عثرات الناس وسقطاتهم وما شابه ذلك من أمور لا يليق أن يشغل نفسه بها ، ويضيع أوقاته لأجلها.