وأما الأحاديث النبوية التي جاءت تأمر بتلاوة القرآن الكريم فهي كثيرة منها:
ما أخرجه مسلم وأحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: {اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا” لأصحابه، اقرأوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما, اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة} قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة.
وقوله: (غيايتان) هي بمعنى غمامتان، والغياية: هي كل ما أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها، قال النووي رحمه الله: (قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين).
والفرقان: الجماعتان أو القطيعان من أي شيء. وذكرهما هنا من الطير التي صفت أجنحتها وبسطتها وتقف فوق رأس قارئ البقرة وآل عمران. أي فيستظل قارئهما يوم القيامة بثواب البقرة وآل عمران في المحشر وتدافعان عنه وتحميانه عند السؤال.
وأخرج ابن حيان في صحيحة عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال:
قلت: يا رسول الله أوصني.
فقال: (عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله).
قلت: يا رسول الله زدني.
قال: (عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء).
وأخرج الدرامي بإسناده عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: (أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع)
قالوا: هذه المصاحف ترفع!، فكيف بما في صدور الرجال؟
فقال: (يُسرَي عليه ليلا” فيصبحون منه فقراء، وينسون قول: لا إله إلا الله، و يقعون في قول الجاهلية وأشعارهم، وذلك حين يقع عليهم القول).
ولهذا الحديث شاهد أخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه، قال رسول الله: يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثواب، حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ولَيسرى على كتاب الله عز و جل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله فنحن نقولها}
والمعنى و الله أعلم : أن تعاليم الإسلام تختفي و تضيع بين الناس لإعراضهم عنها و انشغالهم بالدنيا و الماديات ووقوعهم في الفتن، ثم يعاقبهم الله تعالى على ذلك ؛ فيرفع كتابه منهم مع بقاء حفظه له في صدور طائفة فيهم منصورة بإذن الله تعالى للحديث الصحيح: (لا تزال طائفة من أمتي قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، ولعل هذا من علامات الساعة الكبرى والله اعلم.