التجويد لغة: التحسين والإتقان، أجاد الشيء: أي: أحسنه.

واصطلاحًا: هو إخراج كل حرف من مخرجه، وإعطاؤه حقَّه ومستحقه من الصفات والأحكام، هذا من الناحية التطبيقية.

وأما من الناحية النظرية فعلم التجويد هو علم يبحث في قواعد تصحيح التلاوة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلام يقرأ القرآن مجودًا سجيَّةً من غير أن يحتاج إلى القواعد؛ لأنه كان عربيًّا قحًّا، وكذلك أصحابه، فلما بدأ الأعاجم يدخلون إلى الإسلام بدأ يظهر الخطأ في اللغة العربية، وبالتالي في تلاوة القرآن،فتفطن الصحابة لذلك، وخافوا ضياع تلاوة القرآن، فأمر سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبا الأسود الدؤلي، وهو أحد كبار التابعين، بوضع قواعد لهذا العلم، وشارك في هذا المنحى جمع من كبار علماء التابعين وأتباعهم؛ كالخليل بن أحمد الفراهيدي، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وغيرهم.

وأما حكم هذا العلم فمن الناحية التطبيقية هو فرض عين، يُثاب فاعلُه ويأثم تاركه؛ قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4]،قال سيدنا علي رضي الله عنه: الترتيل: هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف، فـ: ﴿رتِّل﴾: فعلُ أمر يفيد الوجوب، حتى تصرفه قرينة، ولا قرينة هنا، ويؤكد الوجوب المصدر: ﴿تَرْتِيلًا﴾، وقال أيضًا: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: 121].

فمِن أوجُه التفسير المعتبرة: حمل التلاوة على قراءته.

وفي الحديث: “قرأ رجل على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ [التوبة: 60] من غير مدٍّ، فغضِب عبدُ الله رضي الله عنه وقال: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: فكيف أقرؤها؟! فقال عبد الله: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾ [التوبة: 60]، فأمدها.

قال ابن الجزري رحمه الله:

والأخذُ بالتجويدِ حتمٌ لازمُ *** مَن لم يجوِّدِ القُرَانَ آثِمُ

وأما من الناحية النظرية – أي: معرفة القواعد وأوجه القراءة – فهو فرض كفاية، إذا قام به ما يكفي من علماء الأمة، سقط الإثم عن الباقين، ويستحب لباقي الأمة،وأما شرف هذا العلم فهو علم شريف جليل، يكفيه شرفًا أنه متعلق بكلامه تعالى، وأن الانشغال به عبادة له تعالى، وأما فوائد هذا العلم فهي كثيرة، نذكر منها باختصار شديد:

أولًا: صون اللسان عن اللحن في كتاب الله.

ثانيًا: الفوز بالأجر والثواب الجزيل.

ثالثًا: تحبيبُ الناس في تلاوة القرآن الكريم وسماعه، والحفاظ على الصلوات في المسجد، وصلاة التراويح والقيام في رمضان.

رابعًا: تقويم اللسان وتدريبه على الفصاحة.