التفسير كشف معاني القرآن وبيان المراد منه وهو أجل العلوم الشرعية وأشرف صناعة يتعاطاها الإنسان وأرفعها قدرا وهو أشرف العلوم موضوعا وغرضا وحاجة إليه لأن موضوعه كلام الله الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، ولأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية وإنما اشتدت الحاجة إليه لأن كل كمال ديني أو دنيوي لا بد وأن يكون موافقا للشرع وموافقته تتوقف على العلم بكتاب الله تعالى ويجب أن يعلم أن النبي بين للأمة معاني القرآن كما بين ألفاظه كما قال تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وكانوا إذا تعلموا عشر آيات من النبي لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.

والعادة تمنع من أن يقرأ قوم كتابا في فن من الفنون كالطب والحساب ولا يعرفون معناه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم، وعن سعيد بن جبيرن قال: من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالأعمى أو الأعرابي، رواه ابن جرير، وحاجة المسلم ماسة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم.

ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك انظر مقدمة أصول التفسير لابن تيمية 6، 7.

وقال القرطبي: ينبغي له أن يتعلم أحكام القرآن فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه فينتفع بما يقرأ ويعمل بما يتلو، فما أقبح بحامل القرآن أن يتلو فرائضه وأحكامه وهو لا يفهم معنى ما يتلوه([14]).

فكيف يعمل بما لا يفهم معناه، ما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه وهو لا يدريه، فما مثل من هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا اهـ([15]) وقد ذم الله من هذه حاله بقوله: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ} [البقرة: 78].

وأقرب التفاسير تناولا: تفسير الجلالين، حيث يذكر معنى الكلمة وأسباب النزول والقراءات باختصار، إلا أنه قد يخطئ في تفسير صفات الله تعالى مثل المجيء والنزول وغيرهما حيث يفسرها على طريقة الأشاعرة، ومن أراد التوسع والتحقيق فعليه بتفسير الإمام ابن كثير فإنه تفسير سلفي ممتاز، وتفسير ابن سعدي([16]) ثم تفسير الطبري، والقرطبي، فإنهما من أمهات التفاسير الصحيحة المعتبرة، وكذلك تفسير البغوي وابن الجوزي وفتح القدير للشوكاني، وحاشية الجمل على الجلالين فإنه مجموع من عدة تفاسير، وأيسر التفاسير للجزائري.